السبت، 13 مارس 2010

البطالة في الوطن العربي

د.جاسم حسين
وفر انعقاد الدورة الـ 37 لمؤتمر العمل العربي في البحرين فرصة للوقوف على تحدي البطالة في العالم العربي, حسب أفضل الإحصاءات المتوافرة يبلغ متوسط البطالة في الدول العربية تحديدا 14 في المائة. بيد أنه تؤكد الأرقام نفسها أن نسبة البطالة تزيد على المتوسط في نصف الدول الأعضاء في الجامعة العربية وعددها 22 عضوا. إضافة إلى ذلك، هناك ظاهرة البطالة المقنعة, حيث يعمل البعض في العالم العربي في وظائف لا تتناسب ومؤهلاتهم وخبراتهم بالنظر لمحدودية البدائل لكن مقابل حاجتهم إلى تأمين لقمة العيش لأفراد أسرهم.
وقد حالف المدير العام لمنظمة العمل العربي لقمان أحمد الصواب عندما أشار في كلمته إلى أن تيسير تنقل العمالة العربية بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية لن يتحقق دون شراكة مع وزارات الداخلية. مع الأسف ما زال عدد كبير من العرب يجدون صعوبة في الحصول على تأشيرات لدخول دول عربية أخرى من أجل العمل بسبب معضلة الحصول على الموافقة الأمنية المسبقة التي ربما تكون معقدة غالبا. الغريب في الأمر عدم قدرة الدول العربية على تجاوز مسألة الموافقة الأمنية على الرغم من الاجتماعات المتكررة لوزراء الداخلية العرب التي تتركز على التحديات الأمنية المشتركة.

مستقبل غامض

مع الأسف الشديد، يبدو أن مستقبلا غامضا ينتظر العمالة في عديد من الدول العربية، حيث كشف استطلاع حديث لمؤسسة أصداء بيرسلون مارستلر أن ثلثي الشباب العرب يخشون ارتفاع نسبة البطالة, فضلا عن نقص المساكن وارتفاع تكلفة المعيشة في المستقبل. حقيقة القول، يوجد تناغم بين نتيجة الاستطلاع مقارنة بما جاء في تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية العربية لعام 2009 الذي أكد وجود 65 مليون عربي يعيشون في حالة فقر لأسباب تشمل معضلة البطالة. تضاف إلى هذه الحقائق المرة تحدي النمو السكاني وقدره 2.4 في المائة في السنة, الأمر الذي يفسح المجال أمام ارتفاع عدد السكان في الدول العربية مجتمعة من 350 مليونا في الوقت الحاضر إلى 500 مليون في عام 2025.
تؤكد مسألتا البطالة والنمو السكاني الحاجة الماسة إلى تعزيز التعاون التجاري بين الدول العربية. بل يقتضي الصواب عقد مزيد من القمم الاقتصادية لمعالجة بعض المسائل الشائكة مثل البطالة وتعزيز فرص العمل في الدول العربية. وكانت الكويت قد استضافت النسخة الثانية فقط من القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في بداية 2009.

الاتفاقيات الجماعية

كما لا بد من تفعيل المبادرة التنموية التي تم الإعلان عنها في القمة الاقتصادية في الكويت لتعزيز فرص إيجاد وظائف جديدة في العالم العربي. وكانت الكويت البلد المضيف قد قدمت مساهمة قدرها 500 مليون دولار من أصل ملياري دولار قيمة الصندوق الذي يهدف إلى تقديم تمويل بشروط ميسرة لتنفيذ مشاريع تنموية مثل تطوير الموانئ وشبكة الطرق ما يعزز فرص تعزيز العلاقات التجارية بين الدول الأعضاء.
أيضا المطلوب تسريع تنفيذ متطلبات مشروع الاتحاد الجمركي العربي الذي تم تدشينه في 2010 وتطبيقه بالكامل في 2015. بل من شأن نجاح هذا المشروع الحيوي تعزيز اعتماد الدول العربية على بعضها وبالتالي تسهيل تطبيق المشروع الطموح, أي إقامة السوق العربية المشتركة. وكانت الدول العربية قد كشفت في عام 1998 عن إقامة منطقة التجارة الحرة في العام, وهي مرحلة تسبق الاتحاد الجمركي. بيد أنه دخل المشروع حيز التنفيذ عام 2005 بسبب بطء إجراءات المصادقة نظرا لتباين الظروف السياسية في الدول العربية.

ضعف التبادل التجاري

وعلى ذكر البطالة في الوطن العربي، لا بأس من تسليط الضوء على مسألة التجارة البينية بين الدول العربية، حيث تؤكد الأرقام أنها ضعيفة على الرغم من مرور عدة سنوات على سريان مشروع التجارة الحرة. لا تتجاوز التجارة البينية في أحسن الأحوال نحو 12 في المائة من تجارتها مع العالم. بل إن أغلبية التجارة هي بين دول مجلس التعاون الخليجي الست، التي بدورها بدأت في تطبيق مشروع الاتحاد الجمركي في 2003 ومن ثم السوق الخليجية المشتركة في 2008. يلزم مشروع السوق الخليجية المشتركة للدول الأعضاء إطلاق العنان لقوى الإنتاج بالتحرك في الدول الأعضاء من دون أية عراقيل.
وفي كل الأحوال، إذا كانت التجارة العربية البينية ضعيفة في الماضي فإنها تواجه تحديا أكبر في عصر منظمة التجارة العالمية والعولمة. لاحظ في هذا الصدد قيام بعض الدول العربية وتحديدا الأردن والمغرب والبحرين وعمان بالتوقيع على اتفاقيات للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة. وعمدت هذه الدول على إبرام اتفاقيات للتجارة بصورة منفردة طمعا منها في الوصول إلى السوق الأمريكية لغرض المساهمة في إيجاد حلول لمشكلاتها الاقتصادية من قبيل إيجاد فرص عمل لأبنائها وجلب الاستثمارات. وسيحصل قادة الدول العربية على فرصة لمناقشة التكامل الاقتصادي بين دولهم أثناء القمة العربية المزمع عقدها في ليبيا نهاية الشهر الجاري. توفر القمة المرتقبة فرصة لإجراء مراجعة كاملة لمراجعة التعاون العربي على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق