الأربعاء، 17 مارس 2010

حصة الرؤساء التنفيذيين في الكعكة

لوسيان ببتشاك ـ مارتين كريمرز و أورس باير
في الوقت الحالي تدور مناقشة حامية حول المقارنة بين مستويات أجور كبار المسؤولين التنفيذيين والتعويضات التي يحصل عليها الموظفون العاديون. لكن على الرغم من أهمية هذه المقارنات فإن توزيع الأجور بين كبار المسؤولين التنفيذيين أيضاً يستحق الاهتمام.
في بحثنا الأخير، قمنا بدراسة توزيع الأجور بين كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركات العامة المتداولة في الولايات المتحدة. إن القانون يُلزِم هذه الشركات بالكشف علناً عن حِزَم التعويضات التي تقدمها لأعلى خمسة مسؤولين تنفيذيين لديها. ولقد ركزنا في تحليلنا على ''حصة الأجر'' التي يحصل عليها الرئيس التنفيذي ـ حصة الرئيس التنفيذي في إجمالي التعويضات التي تقدمها مثل هذه الشركات لأعلى خمسة مسؤولين تنفيذيين لديها.

ولقد وجدنا أن حصة الرئيس التنفيذي في الأجر كانت في ازدياد مع الوقت. وليس فقط تعويضات أعلى خمسة مسؤولين تنفيذيين فحسب كانت في ازدياد، بل إن الرئيس التنفيذي كان يستولي على حصة متزايدة في هذه التعويضات.
إن الشركات التي تعطي شريحة أعلى من أجورها للرئيس التنفيذي تتمتع بقدر أقل من القيمة بين مستثمريها. ونسبة إلى قريناتها في الصناعة فإن مثل هذه الشركات تحظى بقيمة سوقية أدنى في مقابل قيمتها الدفترية. ونسبة قيمة السوق إلى القيمة الدفترية تشكل قياساً معيارياً لتقييم مدى كفاءة الشركات في استخدام رؤوس أموالها.
فضلاً عن ذلك فإن الشركات التي تدفع حصة أعلى من أجورها لرئيسها التنفيذي ترتبط بانخفاض الربحية. والدخل العامل الذي تولده مثل هذه الشركات يميل إلى الانخفاض مقارنة بقيمة أصولها.
لكن ما الذي يجعل الشركات التي تدفع حصة أجر عالية لرئيسها التنفيذي تولد قيمة أدنى بالنسبة إلى مستثمريها؟ لقد وجدنا أن حصة أجر الرئيس التنفيذي ترتبط بعديد من الأبعاد السلوكية للشركة وأدائها الذين يُنظَر إليه عادة باعتباره انعكاساً لمشكلة خاصة بالحوكمة.
أولاً، تميل الشركات التي تدفع حصة أجر عالية لرئيسها التنفيذي إلى اتخاذ قرارات استحواذ أسوأ من غيرها. وحين تعلن مثل هذه الشركات عمليات الاستحواذ فإن عائدات سوق الأوراق المالية المصاحبة لهذا الإعلان، التي تعكس حكم السوق على عملية الاستحواذ، تميل إلى الانخفاض، بل ربما يكون الانخفاض بالسلب أكثر ترجيحاً.
ثانياً، تميل مثل هذه الشركات في الأرجح إلى مكافأة ''الحظ الطيب'' الذي يصادف رؤساءها التنفيذيين. كما تميل هذه الشركات في الأرجح إلى زيادة تعويضات الرئيس التنفيذي حين تتحسن التوقعات بالنسبة إلى الصناعة لأسباب لا علاقة لها بأداء الرئيس التنفيذي (على سبيل المثال حين تستفيد شركات النفط من الارتفاع الحاد في أسعار النفط العالمية). وينظر خبراء الاقتصاد المالي إلى مثل هذه التعويضات القائمة على الحظ باعتبارها دلالة على وجود مشكلات خاصة بالحوكمة.
ثالثاً، ترتبط حصة الرئيس التنفيذي العالية في الأجر بضعف المساءلة عن الأداء الضعيف. وفي الشركات التي تخصص حصة عالية من أجورها للرئيس التنفيذي، تصبح احتمالات تغيير الرئيس التنفيذي بعد الأداء الرديء (السيطرة على مدة خدمة الرئيس التنفيذي) أكثر ضعفاً. ولا شك أن الحساسية المتدنية للتغيير نتيجة للأداء تعكس استعداداً أقل من جانب مجلس الإدارة لمعاقبة الرئيس التنفيذي.
وأخيراً، سنجد أن الشركات التي يحصل رئيسها التنفيذي على حصة أعلى من الأجور تميل إلى تزويد رئيسها التنفيذي بمنح من خيارات الأسهم التي يتبين دوماً أنها موقوتة بشكل انتهازي واضح. وترتبط هنا حصة الرئيس التنفيذي الأعلى في الأجر بزيادة احتمالات حصول الرئيس التنفيذي على منحة خيارات أسهم ''محظوظة'' بسعر ممارسة يعادل أدنى مستوى بلغه السعر في الشهر الذي حصل فيه على هذه المنحة. ومثل هذا التوقيت ''المحظوظ'' من المرجح أن يعكس استخدام معلومات من الداخل أو تأريخ منحة خيارات الأسهم بتاريخ سابق.
لكن ما الذي يفسر نشوء هذا النمط؟ إن بعض الرؤساء التنفيذيين يحصلون على حصة ضخمة بصورة خاصة من التعويضات المقدمة لأعلى خمسة مسؤولين تنفيذيين بسبب القدرات والفرص الخاصة التي يتمتعون بها مقارنة بالمسؤولين الأربعة الآخرين. لكن قدرة بعض المسؤولين التنفيذيين على الاستيلاء على حصة مرتفعة بشكل خاص من الأجور ربما تعكس سلطة لا ضرورة لها ونفوذ يُمارَس على عملية صناعة القرار في الشركة. وما دام العامل الأخير يلعب دوراً مهماً فإن حصة الرئيس التنفيذي في الأجر تعكس جزئياً وجود مشكلة خاصة بالحوكمة.
ويتعين علينا هنا أن نؤكد أن الارتباط الإيجابي بين حصة الرئيس التنفيذي في الأجر ومشكلة الحوكمة لا يعني ضمناً أن كل شركة تدفع حصة عالية من الأجر لرئيسها التنفيذي تعاني مشكلة خاصة بالحوكمة، لكن وضع مثل هذه الشركات سيكون أفضل بالضرورة بتخفيض تلك الحصة. وفي بعض هذه الشركات قد تكون الحصة العالية في الأجر التي يحصل عليها الرئيس التنفيذي هي الحصة الأمثل، وذلك نظراً للمواهب التي يتمتع بها ذلك الرئيس التنفيذي والبيئة التي تعمل فيها الشركة، وعلى هذا فقد يؤدي خفض حصة الرئيس التنفيذي في الأجر في هذه الحالة إلى جعل الشركة وحملة أسهمها في حال أسوأ.
غير أن الأدلة المتوافرة لدينا تشير إلى أن حصة الرئيس التنفيذي المرتفعة في الأجر قد تدلل على وجود مشكلات خاصة بالحوكمة والتي ربما لا تكون مرئية لولا ذلك. وهذا يعني بالتالي أن المستثمرين ومجالس إدارات الشركات لا بد من أن ينتبهوا تمام الانتباه ليس فقط إلى التعويضات التي يستولي عليها أعلى المسؤولين التنفيذيين في الشركة، بل أيضاً إلى الكيفية التي يتم بها تقسيم هذه التعويضات بينهم.

خاص بـ «الاقتصادية»
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2010.
www.project-syndicate.org


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق